هل تتجنب الأطعمة السيئة التي هي مفيدة لك بالفعل؟ على الرغم من الهالة حول الطعام الصحي، فإن من الصعب التفرقة بين الحقيقة والخيال. وبوصفي مستشارة للتغذية، فقد أدركت وجود الكثير من الخرافات والمفاجآت في عالم التغذية. وهذه هي بعض الأسباب للاستمتاع ببعض الأطعمة المفضلة لديك.
الغلوتين والقمح
* تقول ميليسا آبوت، مديرة فن الطهي في مجموعة «هارتمان»، المجموعة
المتخصصة في أبحاث المستهلكين: «إنهما (الغلوتين والقمح) المكونات الأكثر
تعرضا للهجوم، وهما يأتيان في القائمة السيئة بعد مشروب الذرة عالي
الفركتوز والدهون المهدرجة».
بيد أن عقودا من الدراسات وجدت أن الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين gluten،
مثل القمح الكامل وخبز الجاودار والشعير تشكل عاملا حيويا للتمتع بصحة
جيدة، وترتبط بانخفاض مخاطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والسرطان،
والوزن الزائد.
وقالت جوان سالفين، أستاذ التغذية في جامعة مينيسوتا: «القمح مصدر جيد
للألياف والفيتامينات والأملاح المعدنية». وأضافت أن الحيرة بشأن الغلوتين
والبروتين تسببت في إعراض بعض الأفراد عن تناول القمح والحبوب الأخرى.
وهناك واحد في المائة فقط من السكان أو أقل لا يحبون الغلوتين ويبعدونه عن
وجباتهم لتخفيف آلام البطن والأعراض الأخرى بما في ذلك القدرة على امتصاص
الفيتامينات بشكل كامل.
أحد الأسباب وراء شيوع الحميات الغذائية الخالية من الغلوتين أو القمح هي
أن الأفراد الذين لا يأكلون القمح عادة ما يتجنبون السعرات الحرارية في
الحلويات والأطعمة المقرمشة. ثم يبدأون في الشعور بالتحسن، وفقدان الوزن
ويعزون ذلك، خطأ، إلى نجاحهم في عدم تناول الغلوتين أو القمح.
تفنيد الأساطير حول أضرار 7 مواد غذائية نافعة
البيض
* البيض لا يستحق هو الآخر تلك السمعة السيئة، فخلال العقود الأخيرة كان
يعتقد أن نسبة الكولسترول العالية فيه تلعب دورا في زيادة الكولسترول منخفض
الكثافة LDL (الضار)، وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
لكن الكولسترول في الطعام عامل ثانوي يسهم في ارتفاع نسبة الكولسترول في
الدم لدى غالبية الأفراد. ولم تؤكد الدراسات الصلة بين البيض وارتفاع مخاطر
الإصابة بأمراض القلب.
والعامل الرئيسي للكولسترول منخفض الكثافة (الضار)
هي الدهون المشبعة.
وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الكولسترول في البيض (184
ملليغراما في صفار البيض) فإنه يحتوي على قدر منخفض نسبيا من الدهون
المشبعة (1.6 غرام في صفار البيض).
ما يثير الدهشة هو أن بعض أكبر مستهلكي البيض في العالم، اليابانيون، تنخفض
لديهم معدلات الإصابة بأمراض الكولسترول والقلب، وربما يعود ذلك جزئيا إلى
أنهم يتناولون وجبات من الدهون المشبعة.
وفي المقابل، يأكل الأميركيون
البيض إلى جانب النقانق وخبز التوست المشبع بالزبد.
ويقول والتر ويلت، أستاذ علم الأوبئة والتغذية في جامعة هارفارد للصحة
العامة: «الكمية التي تجمعها بيضة من الكولسترول في الدم صغيرة للغاية.
الارتفاع في الكولسترول منخفض الكثافة (السيئ) من هذا الحجم الصغير يمكن
بسهولة أن يواجه بمظاهر صحية للبيض».
البطاطا
* تتحمل البطاطا اللوم على زيادة مستويات الغلوكوز في الدم ومقاومة
الإنسولين وزيادة الوزن والنوع الثاني من مرض السكري. وخلصت دراسة حديثة
أجرتها جامعة هارفارد قامت بتتبع عدد كبير من السكان ومعدلات أمراضهم، إلى
ربط أكل البطاطا بزيادة الوزن، وألقت عليها باللائمة في ارتفاع نسبة
الغلوكوز في الدم.
لكن الكثير من الأطعمة بما في ذلك تلك التي تحتوي على خبز القمح الكامل
وحبوب القمح الكاملة تسبب ارتفاعا مماثلا في غلوكوز الدم، وترتبط بصحة أفضل
ووزن جسم أقل. إذن، فكيف يمكن تفسير الزيادة في وزن الجسم في الدراسة التي
أجرتها جامعة هارفارد؟
قامت الدراسة بتجميع كل منتجات البطاطا معا بما في ذلك رقائق البطاطا
والرقائق المقلية، والمنتجات المسببة لزيادة الوزن التي عادة ما تؤكل
بكميات كبيرة إلى جانب الهامبورغر والنقانق والمشروبات الغازية.
ويقول الدكتور ديفيد باير، كبير الباحثين في إدارة الأبحاث الزراعية بوزارة
الزراعة: «إنه طعام يسهل مهاجمته، لكن نمط الوجبة الغذائية ربما يكون
الملوم في ذلك. فهناك العديد من الدراسات الوبائية الأخرى التي لم تتأكد من
وجود رابط بين البطاطا وزيادة الوزن أو أية أمراض، كما لم تظهر الدراسات
السريرية وجود رابط أيضا».
تعتبر البطاطا مصدرا عظيما للبوتاسيوم وفيتامين «سي» والألياف، حتى إن
الكثير من الشعوب (الاسكندينافيون والروس والآيرلنديون وسكان بيرو) كانوا
يعتمدون عليها مصدرا غذائيا لقرون.. ولم يكونوا بدينين.
الفاكهة
* عادة ما يسألني الأفراد عما إذا كانت الفاكهة تحتوي على نسبة مرتفعة
للغاية في السكر، خاصة لمرضى السكري. وأعتقد أن هذا الخوف من الفاكهة هو من
مخلفات «جنون آتكينز» الذي ثبطت برامج إنقاص الوزن التي وضعها الأفراد عن
أكل بعض الفواكه على أساس أنها تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات.
يمكن لتجنب الفاكهة أن يؤدي فعليا إلى تدهور الصحة. وتظهر الدراسات تلو
الدراسات التي أجريت على مدى عقود أن تناول الفاكهة يسهم في خفض مخاطر بعض
السرطانات وأمراض القلب وضغط الدم وأمراض السكر.
تحتوي الفواكه على نسبة عالية من الماء والألياف، التي تساعدك على الشعور
بالامتلاء بسعرات حرارية أقل، وهي أحد الأسباب في ارتباط تناول الفاكهة
بانخفاض وزن الجسم. وعلى الرغم من احتواء الفاكهة على سكريات بسيطة، فإن
غالبية الفاكهة تحتوي على مؤشر نسبة سكر منخفض في الدم. وهذا يعني أنك
عندما تأكل الفاكهة يرتفع سكر الدم بصورة معتدلة، خاصة عند مقارنته بالسكر
المكرر أو منتجات الدقيق.
وقد أوصى العديد من مؤسسات الصحة، بما في ذلك «يو إس دايتري غايدلاينز»،
ومعهد السرطان الوطني، واتحاد القلب الأميركي، الأميركيين بأكل ما لا يقل
عن خمس حصص من الفاكهة والخضراوات يوميا بسبب الفوائد الصحية الكبيرة لها.
فول الصويا
* على الرغم من الشعبية التي تمتع بها على مدى قرون في العديد من الدول
الآسيوية، فإنه كان ينظر إلى فول الصويا في بعض الأحيان بوصفه خطرا بعد
الدراسات التي وجدت نسبا مرتفعة من سرطان الثدي بين الفئران التي تمت
تغذيتها بمشتقات مركزة من فول الصويا.
لكن الدراسات التي أجريت على أغذية فول الصويا في البشر لم تجد رابطا.
والحقيقة أن العكس هو الصحيح. وتقول الدكتورة كارين كولينز، الخبيرة
الغذائية ومستشارة التغذية المسجلة مع المعهد الأميركي لبحوث السرطان:
«عندما يتم تناول فول الصويا في الطفولة أو المراهقة، فإنه ربما يتسبب في
جعل أنسجة الثدي أقل عرضة لتطور مرض السرطان في مرحلة متأخرة في الحياة،
وربما لا يكون لها تأثير في الإصابة بسرطان الثدي عندما يبدأ تناولها في
فترة البلوغ».
وتضيف كولينز، في واقع الأمر، أن الأدلة قوية للغاية للحماية من أمراض
القلب، حتى إن إدارة الغذاء والدواء الأميركية سمحت لدعوات صحية بوضع
بطاقات على منتجات فول الصويا الغذائية.
الطعام المقلي
* على الرغم من صحة الاعتقاد الشائع بأن الطعام المقلي عادة ما يزيد محتوى
السعرات الحرارية الموجودة به، إلا أن ذلك لا يجعله بالضرورة غير صحي.
ما دام الطعام يقلى في زيت صحي بدلا من السمن أو الدهن أو الدهون غير
المشبعة، ويتم تناوله بشكل معتدل، فهو صحي. والواقع أن فيتامينات الدهون
الذائبة مثل «إيه» A و«دي» D و«إي» E و«كيه» K والكاروتينات المفيدة للقلب
والمقاومة للسرطان مثل البيتا كاروتين (على سبيل المثال البيض، والجزر
والبطاطا الحلوة) والليكوبين (على سبيل المثال، الطماطم) واللوتين
وزياكسانثين (الخضراوات الورقية داكنة الخضرة مثل السبانخ واللفت) بحاجة
إلى الدهون كي تمتص في الجسم.
وقالت اللجنة الاستشارية لمنظمة «دايتري غايدلاينز» الأميركية في عام 2010:
«يرتبط استهلاك دهون معينة، مثل الأحماض الدهنية المشبعة، والأحماض
الدهنية المتحولة (أي الدهون التي تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة)، بزيادة
مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
من جهة أخرى، تحتوي الدهون
غير المشبعة والأحماض الدهنية غير المشبعة الأحادية والأحماض الدهنية
العديدة غير المشبعة (زيوت الكانولا، وعباد الشمس وزيت الزيتون) على فوائد
كبيرة وجيدة للتمثيل الغذائي وتعزيز الصحة».