الجمعة، 6 يوليو 2012

عقاقير تجريبية موجهة لعلاج إدمان الكحول


تأكد هؤلاء الذين استجابوا للعلاج بهذه العقاقير أن هذا هو العلاج المناسب. وقالت باتي هندريكس، التي تبلغ من العمر 49 عاما، واستخدمت عقار «نالتريكسون» (naltrexone)، بهدف السيطرة على عادة تناول الكحول بعد 4 محاولات تأهيل باءت بالفشل «شعرت بأنني وجدت طريقة أخيرا للتخلص من إدماني لتناول الكحول».

تكمن المشكلة في أن مدمني الكحول، مثل مرضى السرطان، يشكلون مجموعات غير متجانسة، حيث تتنوع أسباب تعاطي الأفراد الكحوليات ما بين أسباب جينية إلى «اضطراب ما بعد الصدمة»، وقد لا تنجح الأقراص التي ساعدت هندريكس في التخلص من الإدمان في مساعدة من يتناولون الكحول في التخلص من الكوابيس.

وصرحت الدكتورة نورا فولكوا، مديرة المعهد الوطني لمكافحة إساءة استخدام العقاقير «سرطانات الثدي تختلف من مريض إلى آخر، كما أن إدمان تناول الكحول يختلف من شخص لآخر مثل الاضطرابات، ومن ثم لا يوجد علاج واحد يفيد للجميع».

يتنبأ بعض خبراء الإدمان بمستقبل - قد لا يتعدى عقدا من الزمان - يمكن من خلاله علاج إدمان الكحوليات باستخدام وسائل معاصرة تستخدم في علاج الاكتئاب، حيث يختار المرضى بين عدة أنواع من العقاقير العقار الذي يناسبهم، ويقترن هذا العلاج بوسائل أخرى من أجل تحقيق شفاء يستمر على المدى الطويل. 

ويقول هؤلاء الخبراء «ما نتمنى عمله الآن هو الحصول على قائمة بالعقاقير كي يختار الأطباء المعالجون من بينها، حتى إن لم يجد عقار ما أو لم يستطع المريض تحمل آثاره يمكنه اختيار عقار آخر وهكذا، على أمل أن يجدوا علاجا فعالا».

لا يضع الجميع في الوسط الطبي آمالهم على العقاقير كعلاج فعال لإدمان الكحول. كما أن لدى كل من منظمة «مدمني الكحوليات المجهولين» ومركز بيتي فورد برامج تشدد على الامتناع عن تناول الكحول، من دون تناول الأقراص أو الحقن، فيما يرى بعض منتقدي هذه الطريقة أن علاج إدمان الخمر بتناول كميات من عقار معين هو ببساطة استبدال إدمان بآخر.

علاج دوائي 

* يختلف هذا النوع من العلاج كلية عن البرنامج الذي يتكون من 12 خطوة بجانب التحكم في الذات الذي كان يعتبر الطريق الوحيد للشفاء. بدأ الأطباء يرون الإدمان كمرض مزمن يتطلب علاجا طويل المدى مثل السكري وضغط الدم المرتفع، أكثر من كونه ضعف إرادة، وقد تساعد الأبحاث المكثفة بشأن العقاقير في التوصل لعلاج.

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدام ثلاثة من بين العقاقير متاحة حاليا لعلاج إدمان الكحول. ومن العقاقير الثلاثة يوجد فقط عقاران - نالتريكسون وأكامبروسيت 

- يتم استخدامهما لتقليل الحاجة الملحة لتناول الكحول (الثالث، ديسولفيرام، الذي يباع كعقار أنتابيوز لعلاج إدمان الكحول، ويسبب الغثيان للمرضى إذا تناولوا الكحول حيث يمنع الجسم من التمثيل الغذائي وامتصاص الكحول).

 ويقلل كل من عقار الأكامبروسيت والنالتريكسون الحاجة الملحة لتناول الكحول والآثار الناتجة عنه بتحسين جهاز مكافأة المخ لدى شريحة من مدمني الكحوليات (وافقت إدارة الغذاء والدواء على عقار أكامبروسيت، الذي روجته معامل فوريست تحت اسم كامبريل عام 2004.

 إن عقار النالتريكسون كعقار أصلي متاح الآن، قد حصل على موافقة وهو في صورة شراب لعلاج إدمان الكحول عام 1994، وقد أصبح متاحا عام 2006، في صورة حقن تعرف باسم فيفيترول، صنعتها شركة «الكيرميس»).

لا يوجد عقار معجزة. فخلال عشرات التجارب السريرية، التي تم تناول نالتريكسون وأكامبروسيت فيها في صورة شراب، بدا العقار مجديا في واحد من بين 7 من مدمني الكحول، في الوقت الذي لم يظهر فيه العقار تأثيرا في الآخرين. وأوضح الدكتور ليتن أنه لا توجد دراسات كافية لتحديد مدى فعالية العقاقير في ظروف التجربة الطبيعية، أو إلى أي مدى كان التداخل بين المجموعتين اللتين استجابتا لكل عقار.

ويرى خبراء في علاج الإدمان أن أهمية تلك العقاقير تفوق فعاليتها الحقيقية. 

 وقال الدكتور ماركوس هيليغ، المدير الطبي بالمعهد الوطني لمكافحة الاستخدام السيئ وإدمان الكحول «عندما التحقت بكلية الطب وجدت أنك إذا اقترحت علاجا لإدمان الكحول باستخدام عقاقير، قوبلت باستهجان، ويسألك الناس كيف تريد أن تعالج مادة كيميائية بمادة كيميائية أخرى؟». وأشار إلى أن اكتشاف تلك العقاقير «يثبت حقيقة أن النظرية أساسها خاطئ».

عقاقير متنوعة 

* مؤخرا، وجد العلماء عقاقير أخرى، بعضها حصل على موافقة إدارة الدواء والغذاء لأهداف أخرى قد تساعد على توقف الحاجة الملحة لتناول الكحول. وأشارت دراسة أجراها الدكتور بانكول جونسون، رئيس قسم الطب النفسي وعلوم السلوك العصبي بجامعة فيرجينيا، عام 2007 إلى أن عقار توبيراميت، عقار مضاد النوبات، لم يقلل فقط من الحاجة لتناول الكحول، لكنه ساعد على تقليل إنزيمات الكبد وانخفاض ضغط الدم. وأضاف الدكتور جونسون «لقد كانت مجرد فكرة راودتني تعتمد على الأساس الكيميائي للمركب». 

ورغم وجود آثار جانبية لعقار التوبيراميت (الإرهاق والارتباك والغثيان) فإنه أصبح يوصف كعلاج لإدمان الكحول بشكل شائع لكنه ليس مصرحا به من قبل إدارة الغذاء والدواء.

ويقوم الأطباء بوصف عقار باكلوفن أحيانا، وهو غير مصرح به، ويستخدم كعقار مضاد للتشنجات، على الرغم من خلط نتائج الدراسات. وأشار الدكتور جونسون إلى أن جرعات قليلة من عقار أندونسيترون، مضاد للغثيان، والذي وصفه الأطباء لمدة طويلة لعلاج المرضى الذين يتلقون علاجا كيميائيا، قد تقلل من تناول الكحول - خاصة بالنسبة لهؤلاء الذين يتمتعون باختلاف جيني محدد.

ويبحث جورج كوب، في معهد سكريبس للأبحاث بسان دييغو، عن العقاقير التي تستهدف الإدمان من زاوية مختلفة تماما، وهي العمل على تقليل حدة المشاعر السلبية التي تقود المقلعين إلى العودة إلى الإدمان. فيما أشار الدكتور ليتن إلى أن عقار جابابنتين، الذي يستهدف علاج الصرع بالأساس، أثبت فعالية في الدراسات الأولية.


وعلى الرغم من اعتماد مراكز العلاج فكرة استخدام العقاقير، فإن البعض الآخر يرى أن التركيز على استخدام العقاقير قد يشتت العمل الحقيقي من أجل التأهيل. 

ويقول الدكتور هاري هارونتونيان، مدير مركز بيتي فورد في مدينة رانشو ميراج، بولاية كاليفورنيا «عند تشخيص المرض يجب أن تنتبه جيدا، فمن السهل أن تجعل المريض يظن أنه تخلص من الحاجة الملحة لتناول الكحول ولا يوجد شيء لعمله، لذا نحن نحاول أن نستخدم مبادئ برنامج يتكون من 12 خطوة كمصدر قوة أثناء فترات الشعور بالحاجة الملحة، وللتعامل مع الضغوطات الحتمية، ونريد أن يشارك المرضى في ذلك».




برنامج ناجح 

* وصف الدكتور هارونتونيان مركز بيتي فورد بأنه «برنامج يعتمد على الامتناع عن تناول الكحول». وأضاف أنه لن يطلب من المرضى الذين يتناولون عقاقير لعلاج الإدمان أن يتوقفوا، لكن آخرين لم يوصف لهم العلاج نفسه.

من جهة أخرى، بدأت مؤسسة هازلدن، في مينيسوتا، بالفعل في وصف عقاقير مثل النالتريكسون والأكامبروسيت في العديد من عيادات التأهيل منذ ست سنوات. وقد أبدى 27 في المائة من المرضى استجابة لأحد أشكال العلاج الذي يعتمد على توقف الحاجة الملحة لتناول الكحوليات.

وقال الدكتور مارفين سابيلا، المدير الطبي بمؤسسة هازلدن «نعتقد أن ذلك شديد الأهمية، حيث من المرجح أن ينتكس المرضى في فترة ما بين 12 إلى 18 شهرا الأولى، ومن ثم أي شيء يمكن عمله من أجل أن يظل المريض واعيا أثناء تلك الفترة حيث يؤثر ذلك على النتائج على المدى الطويل».

وتضيف هندريكس، التي كانت مريضة بمؤسسة هازلدن عام 2008، إنها أقلعت الآن بسبب تناولها عقار النالتريكسون لمدة عامين. 

وتقول هندريكس، التي تحتفل بمرور ألف يوم على شفائها من الإدمان «أعتقد أخيرا أنني أمتلك القدرة الكافية للتخلص من الإدمان. في البداية تمر بشعور انسحاب الإدمان من جسمك، ويساعدك عقار النالتريكسون بتقصير فترة الرغبة الشديدة في تناول الكحوليات وجعلها أقل حدة».

وأشار الدكتور سابيلا إلى أنه يأخذ في الحسبان التاريخ المرضي للمدمن عند وصفه للعلاج، فهو يعلم على سبيل المثال أن عقار النالتريكسون يفضل وصفه للمرضى الذين ينتمون لأسر لها تاريخ مرضي مع إدمان الكحول. لكن التطبيق الفعلي يفتقر إلى الوضوح الذي تتمتع به تجارب المختبر، حيث أضاف أن «المشكلة تكمن في كون 95 في المائة من المرضى ينتمون لعائلات ذات تاريخ مع إدمان الكحول. ومن ثم لا يعد ذلك مؤشرا مفيدا».